في مشهد احتفالي امتزج فيه العلم بالاعتزاز والثقافة بروح الانتماء الإفريقي، احتضنت قاعة المحاضرات الكبرى بجامعة تلمسان – قطب وسط المدينة اليوم الخميس 22 ماي 2025، فعاليات حفل تخرج الدفعة التاسعة من طلبة المعهد الإفريقي لعلوم المياه والطاقة، بما في ذلك التغيرات المناخية (PAUWES)، الحفل لم يكن مجرد مناسبة عابرة، بل كان علامة فارقة تعكس سنوات من العمل الأكاديمي الجاد، والتعاون القاري المثمر الذي جعل من جامعة تلمسان حاضنة حقيقية للنخبة الإفريقية الشابة الطموحة.

الحضور الرسمي كان لافتًا ويعبّر عن حجم الاهتمام بهذه المناسبة، إذ شارك في الحفل والي ولاية تلمسان، ورئيس المجلس الشعبي الولائي، إلى جانب رئيس جامعة عموم إفريقيا الأستاذ الدكتور جون كوليدياتي، سفير دولة زيمبابوي وعدد من ممثلي السفارات الإفريقية، فضلًا عن مدير المعهد الإفريقي وكوكبة من الشخصيات الأكاديمية والعلمية، الذين لبّوا دعوة الجامعة ووجدوا حفاوة بالغة من قبل الأسرة الجامعية، وعلى رأسها مدير الجامعة الأستاذ مراد مغاشو، رفقة عمداء الكليات ومديري المعاهد والمدارس العليا.

لم يكن طلاب الدفعة التاسعة مجرد خريجين يحملون شهادات علمية، بل شكّلوا فسيفساء ثقافية نابضة بالحياة، إذ ضمّت الدفعة 82 طالبًا وطالبة قدموا من 36 دولة إفريقية، اجتمعوا في رحاب جامعة تلمسان خلال مسارهم التكويني ليكوّنوا ما يشبه العائلة المصغّرة للقارة السمراء، هذا التنوع الثقافي واللغوي لم يكن حاجزًا بل كان مصدر ثراء حقيقي انعكس في مختلف الأنشطة العلمية والثقافية التي عرفها المعهد خلال السنوات الماضية.

في كلمته الترحيبية، أعرب الأستاذ مراد مغاشو مدير جامعة تلمسان، عن سعادته البالغة بهذه المناسبة، مشددًا على المكانة التي يحتلها معهد PAUWES ضمن المشهد الأكاديمي في الجامعة، والدور الريادي الذي يلعبه في تكوين نخبة إفريقية مؤهلة في مجالات استراتيجية مثل إدارة الموارد المائية، الطاقات المتجددة، والتغيرات المناخية، مشيرًا إلى أن هذه التخصصات لم تعد ترفًا علميًا، بل أضحت اليوم من أولويات التنمية الشاملة.

من جانبه، أكد الأستاذ الدكتور جون كوليدياتي، رئيس جامعة عموم إفريقيا، في كلمته، أن حفل التخرج لا يمثل نهاية مسار، بل هو بداية جديدة لمسيرة علمية ومهنية واعدة، مشددًا على أن تجربة الطلبة في معهد PAUWES لم تكن فقط أكاديمية، بل إنسانية وثقافية بامتياز، حيث اختبروا قيم التعايش والتعاون والعمل الجماعي في بيئة متعددة الثقافات واللغات.

وعلى غرار كل حفل يحمل بعدًا علميًا وإنسانيًا، تنوّعت فقرات البرنامج حيث تم تقديم عروض لأفضل مذكرة ماستر لسنة 2025، بإشراف الأستاذ البروفيسور بوجنان توفيق، تبع ذلك فيديو لأهم النشاطات الثقافية والرياضية لطلبة المعهد، ثم عرض فني عبّر عن التعدد الثقافي الذي يحتضنه المعهد، تلاه إعلان نتائج مسابقة أفضل مذكرة، ثم فيديو يوثّق مشاركة الطلبة في فعاليات دولية وإفريقية.

وفي لفتة تعكس اهتمام المعهد بالرياضة كوسيلة لترسيخ الروح الجماعية والتنافس الشريف، تم تكريم أبطال كرة القدم من طلبة المعهد، قبل أن يصعد الخريجون إلى المنصة لتسلم شهاداتهم وسط تصفيق حار وابتسامات الفخر والاعتزاز.

جاءت كلمة الختام على لسان مدير المعهد، البروفيسور عبد اللطيف زرقة، الذي عبّر عن فخره بهذه الدفعة الجديدة، مشيرًا إلى أن ما يميز طلبة المعهد ليس فقط مستواهم العلمي، بل التزامهم بقضايا القارة ووعيهم بالدور الذي ينتظرهم، مؤكدًا أن المعهد سيظل بيتًا لكل خريجيه، وفضاء مفتوحًا أمام المبادرات والتعاون المستقبلي.